هل هو تواطؤ؟..حوالة خارجية تصرف بأقل من قيمتها بـ12 بالمئة!
الاقتصاد اليوم:
وردت شكوى من مواطن يدّعي أنه تعرض للغبن لدى استلامه حوالة مالية شخصية قادمة من سلطنة عُمان، إذ استلمها بواقع سعر ناقص 12% تقريباً من قيمتها المرسلة.
وبالتفصيل بيّن هذا المواطن أنه قام بتاريخ 21/8/2016 بصرف مبلغ خمسين ريالاً عمانياً من كوّة هذه الشركة بما يعادل 1324 ليرة للريال الواحد وهو سعر المركزي كما قدّمته الشركة، ولكنه فوجئ أن الحوالة التي وردت إليه في اليوم ذاته من عُمان عبر الشركة ذاتها تم فيها تحديد سعر صرف الريال بمبلغ 1228 ليرة للريال الواحد..!.
ولدى محاولته التأكد من أن الرقم الوارد في الإشعار هو الذي سيستلمه أم سيستلم المبلغ حسب سعر تسليم الحوالات الشخصية في المركزي، أكد له مدير صالة الحوالات في الشركة أن المبلغ سيتم تسليمه حسبما جاء في الإشعار، فرفض استلامه وأكد لموظفي الصالة أنه سيستلم المبلغ من المصرف المركزي ذاته الذي رخّص لشركات الصرافة أن تقوم بتسليم الحوالات للمواطنين على هذا النحو...!.
وعندما تواصل صاحب الشكوى مع مصرف سورية المركزي هاتفياً، تم توصيله إلى مدير قسم المؤسسات عبادة أحمد الذي أكد بدوره أن المبلغ يجب أن يتم تسليمه بواقع 1344 ليرة للريال الواحد، وهذا الرقم طبعاً أعلى من الرقمين المطروحين أعلاه..!. وعاود المواطن الاتصال بمدير عام الشركة ليضعه بصورة ما حصل فأجابه الأخير: إن الشركة التي تم تحويل المبلغ عن طريقها لها قوانينها الخاصة، فهي محظور عليها أن تعمل داخل القطر، لذلك هي تقوم بإرسال الحوالة عن طريق وسيط مالي في دبي، وبالتالي فإن القضية لا تتعلق مطلقاً بشركة الصرافة المحلية، وإنما بالشركة الأجنبية "ويسترن يونيون" المحظورة في سورية بسبب العقوبات الأمريكية على سورية.
وتمت المعاملة مع هذه الشكوى كقضية عامة وليست شخصية، إذ يمكن أن يكون هناك عدد من الحالات المشابهة لهذه القضية، وتواصلت بداية مع مدير شركة الصرافة لمعرفة طبيعة التعاقد مع "ويسترن يونيون"، وحيثيات هذه المشكلة بالذات، وما إذا كانت هناك حالات مشابهة لها..؟ حيث أكد بدوره أنه لا يوجد عقد مباشر مع شركة ويسترن يونيون نتيجة العقوبات المفروضة على سورية أولاً، ولعدم وجود منظومة برامج المايكروسوفت لتحميل برامجها عليها الخاصة بالحوالات ثانياً، موضحاً أن الحوالة عندما تخرج من عُمان –وهي مثالنا– تذهب إلى "ويسترن يونيون"، ومن ثم تحوّل إلى شركة صرافة في دبي "وكيل ويسترن يونيون" التي تحولها بدورها إلى الشركة المحلية، مبيّناً أن الحوالة تصل إلى الأخيرة بالدولار وليس بالريال، إذ تقوم ويسترن بتحويل المبلغ إلى دولار وترسله إلى سورية، أي أن عملية التقاص تتم في شركة ويسترن يونيون.
ولدى تواصلنا مع رئيس قسم المؤسسات في المركزي عبادة أحمد أكد أنه طلب من المواطن أن يتقدم بشكوى رسمية إلى المركزي للنظر بها ومعالجتها، وعندما بينّا له أننا لا نتواصل معه بغية معالجة هذه الشكوى بالذات، وإنما نصبو لتناولها كمشكلة عامة وكيفية تعاطي المركزي معها، لم يوضح إن كان هناك شكاوى بهذا الخصوص، وأكد أن المركزي يتابع الحوالات الداخلة إلى شركات الصرافة السورية، وأن الأخيرة ملزمة بتصريفها وفق سعر الصرف الصادر عن المركزي.
تثير هذه القضية جملة تساؤلات لعل أبرزها كيف يمكن لشركة محظور عليها أن تعمل في سورية نتيجة العقوبات، أن تمارس نشاط التحويل المالي إلى سورية، بالشروط التي تراها مناسبة لها، حتى لو تجاوزت هذه الشروط قوانين المركزي من حيث ضرورة تسليم المبلغ حسب نشرة تسليم الحوالات الشخصية الصادرة عن المركزي؟.
ويرى بعض الخبراء أن الشكل الذي تمّ فيه تحديد المبلغ من الجهة المرسلة إلى الجهة المسلّمة له، ينمّ عن نوع من التواطؤ بين الشركة الخارجية والشركة المرخصة محلياً للتحايل على المركزي من جهة، وسرقة المواطن السوري من جهة ثانية، ولا ينبغي لشركة أجنبية أن تحدّد سعر الصرف داخل سورية، لأن المصرف المركزي هو المسؤول عن تحديد سعر تسليم الحوالة داخل سورية، ومعلوم أن جميع الشركات يجب أن تستلم المبالغ المحوّلة بالعملة التي تم التحويل بها أصلاً، ومن ثم تقوم هذه الشركة بتسليم المبلغ إلى المواطنين حسب قوانين الصرف السارية في بلد الاستقبال، فكيف تسنّى مثلاً للشركة الأجنبية أن تحوّل المبلغ من الريال العماني إلى الدولار الأمريكي بأقل من قيمته الفعلية بنحو 12٪، لأن قيمة الدولار مقابل الريال العماني هي 0.385 في كل دول العالم والريال العماني مرتبط بالدولار، وهذا طبعاً هو المبرّر الذي قدّمه أكثر الموظفين بالشركة للاختلاف الحاصل بين سعر الصرف داخل سورية وسعر الصرف خارج سورية، كأنهم يريدون القول: إن سورية تعيش خارج هذا العالم، ولا تخضع للقوانين المالية العالمية ومن بينها أسعار صرف العملات الأجنبية..!.
بعض مديري مكاتب وشركات الصرافة اعتبروا (أن المواطن هنا يتحامل كثيراً على شركات الصرافة ويتهمها بالتحايل والتواطؤ دون دليل على ذلك)، لكن واقع الحال والبون الواسع –في الشكوى المقدمة لنا- بين سعر الصرف المباشر في المركزي وهو 1344، والسعر الذي جاء بإشعار الحوالة وهو 1228 ليرة، يجعل الباب مفتوحاً على احتمالات عدة..!.
فالموضوع هنا ربما لا يتعلق بعشرات الريالات العمانية المحوّلة إلى مواطن ما، بل يمكن أن يتعلق بملايين المعاملات البنكية التي تتم بهذه الطريقة..!.
المصدر: موقع صاحبة الجلالة
تعليقات الزوار
|
|